STARSEVEN
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي الكرام هاذا المنتدى يدعوكم للتسجيل ارجو من كل زائر وزائرة الانضمام الى اسرتنا مع كل تهاني
مدير المنتدى
STARSEVEN
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي الكرام هاذا المنتدى يدعوكم للتسجيل ارجو من كل زائر وزائرة الانضمام الى اسرتنا مع كل تهاني
مدير المنتدى
STARSEVEN
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

STARSEVEN

منتدى الملكي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» من أحسن الألعاب
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:59 pm من طرف Admin

» قصة لوط عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:54 pm من طرف Admin

» اليسع عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:51 pm من طرف Admin

» الرفيق في الرياضات السنة الثانية متوسط
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:16 pm من طرف kamel

» من اروع قصص الصحابه
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:12 pm من طرف YOUNES.14

» شعر عن الامة
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:07 pm من طرف krimou_ozil

»  قصة آدم عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:53 pm من طرف mohamed23

»  قصة في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:51 pm من طرف mohamed23

» كريستيانو رونالدو
مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:47 pm من طرف mohamed23

سحابة الكلمات الدلالية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

 

 مناهج الدعوة واساليبها الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
1.2.3 viva l'algerie

1.2.3 viva l'algerie


عدد المساهمات : 38
تاريخ التسجيل : 24/03/2011
العمر : 31

مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   Empty
مُساهمةموضوع: مناهج الدعوة واساليبها الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة    مناهج الدعوة واساليبها  الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة   I_icon_minitimeالأحد يوليو 17, 2011 11:27 am

المدخل
إلى علم الدعوة


المدخل

إلى علم الدعوة

دراسة منهجية
شاملة

لتاريخ الدعوة وأصولها ومناهجها وأساليبها ووسائلها ومشكلاتها في ضوء
النقل والعقل



تأليف

محمد أبوالفتح البيانوني

الأستاذ
المشارك في المعهد العالي للدعوة الإسلامية

بالمدينة المنورة







المقدمـــة

الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه
المبين: ) ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله ، وعمل صالحاً ، وقال إنني من المسلمين(
(1) .

والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الدعاة ، وخاتم النبيين ، الذي
أرسله الله داعياً إلى الله بإذنه ، قال في حقه: ) يا أيها النبي إنا أرسلناك
شاهداً ومبشراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه ، وسراجاً منيرا( (2)


ورضي الله عن الصحابة والتابعين ، الذين دعوا بدعوته ، واهتدوا بهديه ،
وعَمَّن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...

وبعد :

فقد اشتدت الحاجة
اليوم إلى كتابة المداخل العلمية لمختلف العلوم الضرورية الهامة ، تعريفا للناس بها
، وتقريبا لموضوعاتها ومضامينها من الدارسين لها. وكلما كان العلم أبعدَ عن حياة
الناس ، وأكثر تنوعاً في موضوعاته ، وأحدث نشأة وتاريخاً من غيره ، كانت الحاجة إلى
كتابة مَدْخَل إليه أكثر وأكبر...

ولما كان علم الدعوة من أحدث العلوم
الشرعية نشأةً ، وأخطر العلوم الإسلامية موضوعاً ، كان لابد من كتابة مدخل إليه
يقربه من الدارسين له ، ويعرف به من يجهله .

فليست الدعوة الإسلامية حركةً
تِلقائية عَفْويّة ، ولا مُجَرَّدَ وعظٍ للناس ، وتذكيرٍ بفضائل الإسلام وآدابه
فحسب – كما فهمها كثير من المسلمين ، ومارسها كثير من الدعاة في العصور المتأخرة –
وإنما هي كما كانت في نشأتها الأولى حركةً علمية وعملية ، تتميز في مبادئها
وأهدافها ومصادرها ، وترتكز على أسس وقواعد علمية مدروسة ، وتنضبط بضوابط شرعية
محددة ، فيختار لها أقوم المناهج ، وأحكم الأساليب ، وأفضل الوسائل... إذ هي عمل
صفوة الخلق سيدنا محمد r ، وعمل من سبقه من رسل كرام عليهم الصلاة والسلام ، وعمل
من تبعه على هدى وبصيرة...

قال تعالى:

) رُسُلاً مبشرين ومُنْذرِين
لئلا يكونَ للناس على الله حجةٌ بَعْدَ الرُّسُل ، وكان الله عزيزاً حكيماً (
(1)

وقال سبحانه : ) قُل هذه سبيلي أدعو إلى بصيرة ، أنا ومن اتبعني.. ( (2)


وقد أتى على الناس حينٌ من الدهر ، فهموا فيه الدعوة إلى الله مجرَّدَ وعظٍ
وتذكير ، أو عبادة وذِكْر ، أو عِلْم وتعليم ، أو حركة وجهاد ... وما إلى ذلك ،
فَقَصَروا معناها العظيم الشامل على موضوعٍ من موضوعاتها أو جانب من جوانبها، أو
مظهر من مظاهرها ، ناسين أنها تشمل الخير كله ، فضعف في الناس أثرها ، وتَقَلَّص في
الحياة خيرها ، وشابَ كثيراً من مفاهيمها الشوائب. مما جعل المهمة صعبةً على الدعاة
المصلحين ، والعلماء المجددين ، ليصححوا للناس مفهومها ، ويعودوا بها إلى وضعها
الصحيح ، ويعيدوا بناء الأمة على أساسها ، فكانت تعترضهم في حركتهم الدعوية العقبات
الداخلية من المسلمين أنفسهم ، خاصتهم وعامتهم ، قبل أن تعترضهم المشكلات الخارجية
من أعداء الأمة المتربصين بها ، مما بَطَّأ حركة الإصلاح ، وأخر عملية النهوض...


ولقد تنبهت بعض المؤسسات التعليمية إلى أهمية علم الدعوة ودراسته ،
فَفَتَحتْ بعض الجامعات الإسلامية أقساما لعلم الدعوة ، وخصص له بعضها كليات مستقلة
..

ويوم افتَتَحَتْ جامعةُ الإمام محمد بن سعود الإسلامية مشكورة المعهد
العالي للدعوة الإسلامية في الرياض (3) عام 1396هـ الموافق 1976م ، هَمَمْتُ
بالانتقال إليه من كلية الشريعة التي كنت أعمل فيها شعوراً مني بأهمية العمل الدعوي
، والدراسات الدعوية ، ولكن عزمي على الاستقالة في العام التالي لافتتاحه ، والعودة
إلى بلدي صرفني عن ذلك الانتقال....

ثم كتب الله لي أن أعمل في المعهد
العالي للدعوة الإسلامية (4) في المدينة المنورة الذي افتتح كفرعٍ لذلك المعهد عام
1398هـ الموافق 1978م ، ثم استقَلَّ عنه ، فقضيت فيه أكثر من عشر سنوات ومازلت ،
ساهمتُ فيه بوضع المناهج الدعوية المتنوعة للمرحلة العليا والمرحلة الجامعية ، مع
زملاء أفاضل ، وعلماء دعاة جاءوا من أكثر من بلد ، وحملوا معهم أكثر من تجربة مفيدة
في ذلك ، فزادت قناعتي بأهمية العمل في هذا المجال العلمي ، وحاجته إلى دعم
وتعميق...

وكان من فضل الله علي في تلك السنوات ، أن أعيش أجواءً دعوية
علمية ، تزامن حركتي الدعوية العملية ، مما جعلني أستشعر أكثر وأكثر بأهمية دراسة
هذا العلم ، وحاجة الدعاة إليه ، تأصيلا لقواعده من جهة ، وتقويما لمناهج الدعوة
القائمة وأساليبها ووسائلها ، وتسديدا لمفاهيمها وأعمالها من جهة أخرى .


فكنت كلما وقفت على قاعدة دعوية ، أو بَدَالي مفهوم من مفاهيم الدعوة ،
ذاكرتُ به من حولي دعاة وأساتذة ، وتدارسته مع طلابي في المرحلة العليا ، ودرسته
لطلابي في المرحلة الجامعية كمذكراتٍ دراسية أولية في هذا العلم ، مع توضيح ذلك لهم
، والتأكيد على أن ما أمليه عليهم أو أدرسه لهم ، إنما هو في معظمه اجتهادات شخصية
، ودراسات أولية في سبيل تأصيل علم الدعوة ، وبلورة مصطلحاته ، وكثيراً ما أفدتُ من
سؤال طالب ومراجعته ، ومن مناقشة زميل ومجادلته في مسألة من مسائل هذا العلم ، وما
كنت أضيق ذرعاً – والحمد لله – بأي نقاش أو نقد في المجالس العلمية في المعهد ، أو
في المناقشات العلمية للأبحاث والرسائل التي كنت أشرف عليها أو أناقشها ، وذلك رغبة
في الوصول إلى الحق من جهة ، واستزادة من الوضوح في مسائل هذا العلم الناشئ من جهة
أخرى .

وبعد مرور سنوات علي ، وأنا على هذه الحالة ، بدأت أشعر بضرورة كتابة
شيء في هذا العلم ، وإمكانية مساهمتي بشيء فيه ، ورافق ذلك إلحاح بعض الأحبة
والدعاة والزملاء علي في ذلك .

فكنت أفكر يوماً بكتابة شيء عن مناهج الدعوة
وأساليبها ، ويوماً كتابة شيء عن وسائل الدعوة وأصولها... نظرا لتوفر المادة
الأولية فيها عن طريق المسودات الجاهزة لدي ، التي احتفظت بها كمذكرات طلابية خاصة
.

ولما تعددت لدي المذكرات الدراسية ، ومارست عملياً تدريس معظم المواد
الدعوية في المعهد ، ولأكثر من فصل دراسي ، واستقرت عندي بعض المعلومات والنتائج ،
رأيت أن أعدل عن الكتابة في مادة من هذه المواد الدراسية ، إلى كتابة مدخل عام
يتناولها جميعاً ، ويضع المعالم الأساسية لكل مادة منها ، ويلخص الأفكار والنتائج
التي توصلت إليها ، لتكون جميعُها في كتاب واحد ، وإطار منسجم يلخص الفوائد ، ويمنع
التكرار والتداخل في الموضوعات ، ويوسع دائرة الانتفاع بها ، ويفتح الباب للكتابة
مستقبلاً في مادة من مواد هذا العلم كتابة مستقلة تزيدها وضوحاً وتفصيلاً ... وذلك
مبادرةً مني للعمر الذي شارف على الانتهاء ، وكسبا للهمة الضعيفة المتبقية من جهة ،
واغتناما للفرص العارضة في زحمة الأعمال والواجبات المتنوعة من جهة أخرى.


ولاسيما أني لم أقف على كتاب عام شامل يسد هذه الثغرة ، أو بحث مستوف لهذه
الجوانب المتعددة في علم الدعوة ، وكل ما وقفت عليه في ذلك من جهود علمية على الرغم
من فائدتها ونفعها – لا تعدو صنفين أساسيين من الكتابات:

أ- صنف يعالج
قضيةً أو أكثر من قضايا الدعوة ، فلا يُغَطّي الحاجة المطلوبة ، ولعل أوسع ما وقفت
عليه في ذلك كتاب " أصول الدعوة " للدكتور عبدالكريم زيدان – جزاه الله خيراً –
الذي أراه أشبه ما يكون بمدخل عام للدعوة.

ب– وصنف يأخذ الطابع الأدبي
والوعظي ، ويبتعد عن الأسلوب العلمي ، مما قد يفيد العامة ، ولا يغني الخاصة ، مع
ملاحظة التفاوت والتباين في المصطلحات، والاضطراب والتنوع في التقسيمات ، التي
تُعدُّ طابعاً عاما لما وقفت عليه ، وذلك لجدة العلم وعدم استقرار مصطلحاته بين
الدعاة من جهة ، ولأن مُعْظم ما كتب من كتب دعوية ، لم يكتب للدارسين والمتخصصين في
الدعوة من جهة أخرى .

ولا أريد بما قلته أن أنقص من قدر ما كُتبَ ، ومَنْ
كتب ، فجزى الله الجميع خير الجزاء ، ولكنه بيان لطبيعة نشأة العلوم وتطورها ، فما
من علم إلا وقد مر في مرحلة نشوئه بمثل هذه التطورات ، وأُخِذَ على ما كتب فيه قبل
استقرار مثل هذه الملاحظات.

وإن عشرات السنين التي تمر في حياة العلوم ،
وتُسهم في استقرارها على مختلف أنواعها ، ليست كثيرةً إذا ما قيست بعمر العلم كله ،
وأثره في حياة الناس.

فأسأل الله عز وجل أن يجعلني من الذين ساهموا في بناء
صرح هذا العلم العظيم (علم الدعوة) ، وأن يسددني في جميع ما أكتب فيه وفي غيره ،
وأن يجزي خيراً جميع من سبقوا إلى الكتابة فيه ، والذين يكتبون وسيكتبون في تكميل
بنائه ، وتسديد أخطاء من سبقهم ، فإن المهمة كبرى ، والزمن كفيل بعون الله وفضله
باستكمال النواقص ، واستدراك الأخطاء.

وسأبذل – إن شاء الله – جهدي في
تأصيل كل مسألة أكتب فيها ، فأستدل عليها بالأدلة الشرعية ، والقواعد العلمية ، كما
ألتزم بإحالة جميع ما أنقله إلى مصادره ، سواء أكان نصاً شرعياً ، أم حكماً
اجتهادياً ، أم تجربة دعوية ... مستعيناً بالله ، وسائلاً إياه التوفيق والسداد ،
وأن يتقبل هذا الجهد ، ويجعله خالصا له ، وينفع به ، وأن يجعله ذخرا لي يوم
ألقاه...

والحمد لله رب العالمين.

كتبها:

محمد أبو الفتح
البيانوني

( المدينة المنورة)



قائمة بموضوعات
الكتاب

يشتمل كتاب المدخل إلى علم الدعوة على ما يلي:

1- المقدمة:


2- التمهيد : ويتناول :

أ- تعريف علم الدعوة ، وبيان نشأته ، وصلته
بالعلوم الشرعي الأخرى.

ب- بيان حكم الدعوة ، وموضوع علم الدعوة.

ج
– تحديد مصطلحات علم الدعوة .

3- الفصل الأول: تاريخ الدعوة وتطورها.


ويشتمل على مقدمة وأربعة مباحث ، هي :

أ- الدعوة قبل الإسلام.


ب- الدعوة في زمن الرسول r وزمن خلفائه الراشدين.

ج – الدعوة في
زمن الأمويين ، والعباسيين ، والعثمانيين.

د – الدعوة في العصر الحديث .


4- الفصل الثاني: أصول الدعوة.

ويشتمل على مقدمة ومبحثين ،
هما:

أ – أدلة الدعوة ومصادرها.

ب – أركان الدعوة – الداعي – المدعو
– موضوع الدعوة .

5- الفصل الثالث: مناهج الدعوة .

ويشتمل على ثلاث
مباحث ، هي :

أ- التعريف بالمناهج الدعوية ، وبيان أنواعها
وأهدافها.

ب – التعريف بالمناهج الثلاثة: العاطفي ، والعقلي ، والحسي ،
وبيان أساليبها ، ومواطن استعمالاتها ، وخصائصها.

6- الفصل الرابع: أساليب
الدعوة .

ويشتمل على مقدمة ، وخمسة مباحث ، هي :

أ – أسلوب الحكمة:
تعريفه ، مظاهره ، خصائصه.

ب- أسلوب الموعظة الحسنة : تعريفه ، مظاهره ،
خصائصه.

ج – أسلوب المجادلة : تعريفه ، مظاهره ، خصائصه.

د – أسلوب
القدوة الحسنة : تعريفه ، مظاهره ، خصائصه.

هـ - الخصائص العامة للأساليب
الدعوية .

7- الفصل الخامس: وسائل الدعوة .

ويشتمل على مقدمة ،
وأربعة مباحث ، هي :

أ – ضوابط مشروعية الوسائل الدعوية.

ب– نماذج
من الوسائل المعنوية .

ج – نماذج من الوسائل المادية .

د – الخصائص
العامة للوسائل الدعوية .

8- الفصل السادس: مشكلة الدعوة وعقباتها.


ويشتمل على مقدمة ، وأربعة مباحث ، هي :

أ – المشكلات الداخلية (
الذاتية )

ب – معالم عامة في طريق معالجة المشكلات الداخلية .

ج –
المشكلات الخارجية .

ب – معالم عامة في طريق معالجة المشكلات الخارجية .


9- الخاتمة .

10- الفهارس العامة.


*********



التمهيد

ويشتمل على ما يلي:

1-
تعريف علم الدعوة ، وبيان نشأته ، وصلته بالعوم الشرعية الأخرى.

2- بيان
حكم الدعوة ، وموضوع علم الدعوة.

3- تحديد مصطلحات علم الدعوة.




1- تعريف علم الدعوة ، وبيان نشأته ، وصلته بالعلوم الشرعية
الأخرى:

اختلف تعريفاتُ علم الدعوة ، وتعددت لدى الكاتبين والباحثين ، تبعا
لاختلافهم في تحديد معنى الدعوة من جهة ، وتفاوت نظرتهم إليها من جهة أخرى ، فلم
أقف حتى الآن على تعريف سابق دقيقٍ شامل لحقيقة هذا العلم . فهناك من نظر إلى
الدعوة على أنها تبليغ وبيان لما جاء به الإسلام فحسب ، وهناك من نظر إليها على
أنها علم وتعليم ، وجردها عن الجانب التطبيقي والتنفيذي.. إلخ غير ذلك من نظرات.


وهناك من عرفها تعريفاً عاماً يمزج بين مفهوم الدين ومفهوم الدعوة إليه ،
كما فعل الأستاذ الشيخ محمد الراوي في كتابه" الدعوة الإسلامية دعوة عالمية " فقال
:" هي الضوابط الكاملة للسلوك الإنساني وتقرير الحقوق والواجبات" (1) وهناك من قصر
التعريف على بعض جوانبها ،كما فعل الشيخ محمد الخضر حسين في كتابه" الدعوة إلى
الإصلاح" فعرفها بأنها:" حَثُّ الناس على الخير والهدى ، والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، ليفوزوا بسعادة العاجل والآجل" (2) . واعتمد هذا التعريف الشيخ علي محفوظ
في كتابه " هداية المرشدين" (3). وكما فعل ذلك الدكتور أحمد غلوش في كتابه" الدعوة
الإسلامية " فقال عنها: " العلم الذي تعرف كافة المحاولات الفنية المتعدد الرامية
إلى تبليغ الإسلام مما حوى عقيدة وشريعة وأخلاقاً.. " (4)

وهناك من أدخل في
تعريف الدعوة أهدافها وغاياتها كما فعل الأستاذ محمد الغزالى في كتابه" مع الله "
فقل عنها: برنامج كامل يضم في أطوائه جميع المعارف التي يحتاج إليها الناس ،
ليبصروا الغاية من محياهم ، وليستكشفوا معالم الطريق التي تجمعهم راشدين"
(5)

وكما فعل الشيخ آدم عبدالله الألوري في كتابه " تاريخ الدعوة بين الأمس
واليوم" فقال عنها:

" صَرْفُ أنظار الناس وعقولهم على عقيدة تفيدهم ، أو
مصلحة تنفعهم ، وهي أيضاُ : نُدْبَةٌ لإنقاذ الناس من ضلالة كادوا يقعون فيها ، أو
من معصية كادت تحدق بهم" (1) . وقد اختار هذا التعريف واستحسنه الأستاذ: محمد خير
رمضان في كتابه" الدعوة الإسلامية" (2) .

كما خلا كتاب الأستاذ الدكتور
عبدالكريم زيدان " أصول الدعوة " من تعريف علمي للدعوة ، وشمل كتابه هذا الحديث عن
الإسلام والدعوة إليه...

كل هذا دعاني إلى أن أنظر في تعريف الدعوة نظرة
جديدة مستقلة ، أتبع فيها مسالك العلماء ، السابقين في تعريفاتهم للعلوم ، وأتجنب
في ذلك الأسلوب الأدبي والخطابي ، فأقول :

لابد للوصول إلى تعريف دقيق شامل
لعلم الدعوة ، من الوقوف على تعريف كلٍ من المضاف والمضاف إليه في هذا الاسم ،


فالعلم في اللغة : " إدراك الشيء بحقيقته" (3) أو هو " أدراك الشيء على ما
هو به" (4) ويُطلق العلمُ في الاصطلاح على " مجموع مسائلَ وأصولٍ كليةٍ تجمعها جهة
واحدة ، كعلم الكلام ، وعلم النحو ، وعلم الأرض ، وعلم الكونيات ، وعلم الآثار ،
وجمعها علوم... " (5)

والدعوة في اللغة : " الطلب ، يُقال " دعا بالشيء :
طلب إحضاره ، ودعا إلى الشيء : حَثَّه على قصده ، يُقال " دعاه على اعتقاده وساقه
إليه"(6) .

ويمكننا استخلاص المعنى الاصطلاحي للدعوة من معناها اللغوي
السابق وهو "الطلب والحثُّ على الشيء ، والسَّوق إليه .. " فيتضمَّن معنى الدعوة
إلى الإسلام طلبَ الناس وسوقَهم إليه ، وحثهم على الأخذ به .

لكي يشمل
تعريفُ الدعوة الإسلامية مراحل الدعوة الثلاث : التبليغية ، والتكوينية، والتنفيذية
من جهة ، ولكي يحتوي على عناصر عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عامة وعمل نبينا
محمد r خاصة من جهة أخرى.. أرى أن تُعرَّفَ الدعوة الإسلامية اصطلاحاً
بأنها:

" تبليغُ الإسلام للناس ، وتعليمُه إياهم ، وتطبيقه في واقع الحياة "


فقد بين الله عز وجل عمل رسوله r ، الداعية الأول للإسلام ، وفصله بما يشمل
هذه العناصر الثلاثة في أكثر من موضع في كتابه ، فقال سبحانه وتعالى:

)هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ((1) .

فقد شمل قوله سبحانه ) يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ( البيان والتبليغ وهو العنصر الأول من عناصر الدعوة ، كما شمل قوله
)وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ( التربية والتعليم ،أو ما يُعبَّر عنه
عادة في المصطلح الدعوي " التكوين " ، كما شمل قوله )وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ( التطبيق والتنفيذ ، لأن الكتاب هنا القرآن الكريم ، والحكمة هنا:
السنة النبوية- كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء(2) ، والسنَّةُ في حقيقتها ( الطريقة
) أي : طريقة تطبيق هذا القرآن ، فقد أوضحت السنة للمسلمين طريقة تطبيق القرآن على
مستوى الأفراد والجماعات...

ولا أنسي أن أشير هنا : إلى أن هذا التعريف
الذي توصلت إليه في تعريف "علم الدعوة " قاربَه بعض الكتابين والباحثين في هذا
العلم ، وإن لم تخل تعريفاتهم في نظري – من شيء من التعميم والغموض الذي لا يصلح في
التعريفات .

فقد سبق أن عرف الدعوة الأستاذ بهي الخولي بقوله : " نقل الأمة
من محيط إلى محيط " (1) وعرفها الدكتور رؤوف شلبي بقوله : " الحركة الإسلامية في
جانبيها النظري والتطبيقي" (2)

كمالا أنسى أن أشير أيضاً إلى أن الدعوة
تُطلق أحياناً على الإسلام نفسه المدعو إليه، ولعل منه قوله تعالى :

) لَهُ
دَعْوَةُ الْحَقّ( (3) فقد ذكر الإمام ابن الجوزي – رحمه الله- عند تفسير لهذه
الآية أن فيها قولين: " أحدهما : أنها كلمة التوحيد وهي : لا إله إلا الله ، قاله
عليٌ وابن عباس والجمهور ، فالمعنى : له من خلقه الدعوة الحق ، فأضيفت الدعوة إلى
الحق لاختلاف اللفظين والثاني : أن الله عز وجل هو الحق ، فمن دعاه الحق ، قاله
الحسن " (4) .

إلا أن لفظ الدعوة إذا أُطلق ينصرف عرفاً إلى المعنى الأول
الذي عرفناها به وهو " الدعوة إلى الإسلام " وهو المعنى الذي تواردت عليه معظم
الآيات القرآنية والأحاديث النبوية .

ومما سبق بيانه ، يمكننا تعريف علم
الدعوة بعد أن أصبح علماً على علم معين، بأنه :

" مجموعةُ القواعد والأصول
التي يُتَوَصَّل بها إلى تبليغ الإسلام للناس وتعليمه وتطبيقه ".

وفي ختام
الحديث عن تعريف علم الدعوة أود أن أناقش شبهة من قَصَر معنى الدعوة على التبليغ
والبيان فحسب ، ونظر إلى التعليم والتطبيق نظرته إلى أمور خارجة عن الدعوة ،
مستشهدا لذلك بمثل قوله تعالى :

)ما على الرسول إلا البلاغ ((1) وقوله ) وما
على الرسول إلا البلاغ المبين ( (2) ، وفاهماً أن هذه الآيات وأمثالها تحصر عمل
الرسل الكرام والدعاة في جانب التبليغ فقط . وللإجابة عن هذه الشبهة أقول:


إن هذه الآيات القرآنية وأمثالها وردت في سياق إعراض الناس عن الدعوة ،
فحيث يُعرضُ المدعوون عن الدعوة لا يُكلَّفُ الرسل الدعاة إلا بالبيان والتبليغ فقط
، أما الهداية فإنما هي على الله سبحانه وتعالى ، ولا يملكها إلا هو.

أما
حين يستجيب المدعوون للدعوة ، ويقبل الناس على الإسلام ، فعلى الداعية تعليمُهم
دينهم ، والسعي لتطبيق هذا الدين في حياتهم ، كما كان يفعل النبي r مع من استجاب له
في مكة المكرمة ، حيث كان يجتمع بهم في دار الأرقم ابن أبي الأرقم ليعلمهم دينهم
ويزكيهم (3) وكما كان يفعل إذا أسلم شخص عنده ، فيقول لأصحابه:" فقهوا أخاكم في
دينه ، وعلموه القرآن... " (4)

ولو أمعنا النظر في الآيات نفسها التي استدل
بها المشتبه ، لرأينا معظمها يصرح بهذه الحقيقة ، ويعلق حصر عمل الرسول بالبلاغ
بإعراض الناس وتوليهم ، كما جاء في قوله تعالىSmile وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ( (5)
.

وقوله: ) فإن تَولِّيتم فاعلموا أنَّما على رسولنا البلاغُ المبين( (6)
وقولهSmile فإنِ أعرضوا فما أرسلناك َ عليهم حفيظاًً ، إِنْ عليك إلا البلاغ( (7)
.

وبهذا تجتمع دلالة هذه الآيات القرآنية مع دلالة الآيات الأخرى التي نصت
على أعمال أخرى للرسول الكريم من تلاوة لآيات الله ، وتزكية وتعليم للكتاب والحكمة
، كما تنسجم مع الواقع العملي لدعوة الرسول r في حياته ، وواقع دعوة صحابته وأتباعه
من بعده .

ولقد أسهبت في دفع هذه الشبهة ، وحرصت على توضيح عمل الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام والدعاة من بعدهم نظرا لما ترتب على مثلها من مواقف خاطئة
ونظرات قاصرة لعمل الدعوة في العصر الحاضر. فقد قَصَر بعض إخواننا الدعاة عملهم على
جانب حتى عُرِفوا به ظانين أنه عمل الأنبياء فحسب ، بل نظر بعضهم إلى غيرهم من
الدعاة الذين يُعنون بالعلم والتعليم ، أو بالتطبيق والتنفيذ ، نظرة استخفاف ونقد ،
كما نظر بعض المعتنين بالعلم والتعليم ، أو التنفيذ والتطبيق لأولئك المبلغين نظرة
استخفاف أيضاً ، فوجهوا لهم النقد الشديد في توجههم ودعوتهم ، دون أن يفهم بعضهم
بعضاً ، ويقدر بعضهم قدر بعض ، مما زاد المسلمين بعداً وفرقة .

ولو علم
هؤلاء وهؤلاء أنه يَسَعُ الداعية أن يعمل في الميدان الذي يختاره ، والعمل الذي
يناسبه من أعمال الدعوة مراعياً في ذلك إمكاناته واستعداداته من جهة، أو مقدماً
أولوية على غيرها في نظره من جهة أخرى ، على أن لا يقصر مفهوم الدعوة الإسلامية على
عمله واختياره ، أو ينظر إلى من خالفه في ذلك نظرة ابتداع أو خروج عن عمل الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام ، فالميدان الدعوي واسع ، وجوانب العمل متعددة ، والمسؤولية
أكبر من أن تقوم بها جماعة من الجماعات ، والثغرة أوسع من أن يَسُدَّها عملٌ من
الأعمال .

فلو علم الطرفان هذه الحقيقة ، وفهموها فهماً متوازناً ، لشكر
بعضُهم جُهدَ بعض، ونظر كل طرف إلى العاملين الآخرين في أي مجال دعوي نظرته إلى
أعوانه وشركائه .

وأختم حديثي عن هذه المسألة بمقولة كريمة ، وحكمة عظيمة
سمعتها شخصياً من الداعية المشهور الأستاذ أبو الأعلى المودودي – رحمه الله – وذلك
قبل وفاته بسنوات في مكة المكرمة ، حيث زرته في فندق" شبرا " في مكة المكرمة ،
وسألته في جلسة خاصة عن رأيه في " جماعة التبليغ " التي نشأت في الهند ، وانتشرت في
كثير من بقاع الأرض ، والتي سمعتُ من بعض أفرادها لعمل الأستاذ المودودي ، وانه ترك
الدعوة ، وعمل في السياسة والحكم ، فقال لي بلسان عربي بطيء كلماتٍ قليلةً تصلح
درسا لجميع الدعاة ، وأنموذجاً صالحا لنظرة كل عامل وداعية إلى غيره، قال :


" إنهم يَسدُّون عنا ثغرة ً لا نستطيع سدَّها ، ولا نَنْتَقِدُهم ، ومنهم
من يَنْتَقِدُنا ".

ولا نستطيع أن نصـل إلى مثل هذا التوازن في النظرة إلى
الآخرين ، إلا إذا فهمنا الدعوة الإسلامية فهماً واسعاً شاملا لجميع أعمال الرسول r
، ولعل تعريفنا الذي توصلنا إليه في تعريف الدعوة يُساعد على ذلك التصور الشامل ،
والمفهوم الصحيح ، والله المستعان .

هذا عن تعريف علم الدعوة .

أما
نشأة علم الدعوة:

فقد بدأت الدعوة الإسلامية أول ما بدأت علماً وعملاً ، إذ
قام رسول الله r بين الناس داعياً إلى الله ، يتلو عليهم آياته ، ويُعَلِّمُ من
استجاب منهم لدعوته الكتابَ والحكمة ويُزكيهم....

وتحمَّلَ رسول الله r في
سبيل ذلك ما تحمل ، وصبر وصابر حتى أظهر الله دينه ، وأعلى كلمته ، وحَقَّق
للمؤمنين وعده :

)هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ
الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( (1)


فتَبعَه على ذلك صحابته الأكرمون ، وخلفاؤه الراشدون ، فكانوا هادين
مهديّين، تابعوا المسيرة ، وحملوا الأمانة ... وجاء مِنْ بَعْدِهم التابعون لهم
بإحسان ، فاقتفوا آثارهم وقاموا بوظيفتهم حق القيام...

ثم تبعهم في ذلك
أجيال وأجيال ، نشروا هذا الإسلام ، وبلغوا فيه كل مَبْلغ ، وتضافرت على حمل هذه
الرسالة في تلك العصور جميعُ الجهود الفردية والجماعية، حيث كان الفرد المسلم يرى
في الدعوة إلى الله حياتَه ومناط سعادته في الدنيا والآخرة ، فلا يصرفه عنها صارف ،
ولا يثنيه عن القيام بواجبها عقبة من العقبات، فيبذل في سبيل دعوته كل شيء.


كما كانت الدولة المسلمة ترى الدعوة إلى الله أولى وظائفها وأهم واجباتها ،
بل ترى الدعوة سِرَّ وجودها وقيامها ، فكانت للدعوة تُخطِّط ولصالحها تتحرك داخلياً
وخارجياً ، تحفظ الأحكام ، وتطبق النظام ، وتقيم الحدود ، وترسل الدعاة ، وتستقبل
الوفود ، وتسد الثغور ، وتُنْفِذ الجيوش ، وتُعد العُدة ...

كل هذا جعل
المجتمع الإسلامي بكل وحداته ومؤسساته مجتمعاً دعوياً يعمل لصالح هذه الدعوة ،
ويحقق ما وَصَفَهُ الله به بقوله :

) الذين إن مَكَّناهم في الأرض أقاموا
الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأمروا بالمعروف، ونَهَو عن المنكر ، ولله عاقبةُ الأمور(
(1)

ومجتمعٌ كهذا المجتمع ، لم يكن في حاجة ليبرز فيه علم خاص يُعرف بعلم
الدعوة ، أو توجَدَ فيه مؤسسات دعوية ، وأخرى غير دعوية!

حتى خلف في
المسلمين خَلْف ، أضاعوا كثيراً من تلك الخصائص وغفلوا عن كثير من هذه الواجبات ،
فكانت هناك مجتمعاتٌ كَثُر فيها القاعدون ، وقَلَّ فيها الدعاة العاملون ... كما
نَمت فيها مفاهيم مغلوطة فصلت العلم عن العمل ، وأضاعت بركته، وأفرزت عناصر تهتم
بالعلم على حساب العمل ، وأخرى تعمل على جهل ، وذلك على مختلف المستويات الفردية
والجماعية ، فتتابعت بذلك على المسلمين المصائب ، وفقدت الدعوةُ كثيراً من حيويتها
وحركتها ، إلى أن طُعِنت الدعوة الإسلامية في أعلى مؤسساتها ، وأقوى دعائمها بسقوط
الخلافة الإسلامية ، فكانت قاصمة الظهر.

ثم استيقظ بعض المسلمين من غفلتهم
، وعرفوا عِظَم مصيبتهم ، واجتهدوا في النهوض بدعوتهم ، فكانت هناك محاولات فردية
وجماعية ، وتعددت في سبيل ذلك الاجتهادات العلمية والعملية ، وانبثقت الحاجة
الجديدة إلى وجود عِلْم يعرف بعلم الدعوة ، يعتمد على فهم الكتاب والسنة ، ويقوم
على سَنَن النبوة الطاهرة ، والخلافة الراشدة ، ويستنير بالتجربة الطويلة الرائدة
لرحلة الدعوة على مدى العصور والأزمان ، ويعود بالمسلمين إلى وظيفتهم التي أخرجوا
بها للناس ، قال تعالى:

) كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ
... ( (1)

فكتبَ حول الدعوة الكاتبون والدعاة ما كتبوا ، وقدموا لخدمة هذا
العلم ما قدموا، حتى قامت باسم الدعوة منظماتٌ ومؤسسات ، وعُرِفَ بها أفراد وجماعات
، وأصبحنا في عصر صارت فيه الدعوة عِلْماً من العلوم المتعددة ، له مؤسساته
التعليمية ، ومناهجه الدراسية ...

وبرزت الحاجة إلى هذا العلم مُلِحَّةً ،
نظرا لما يكتنف العمل الدعوي الحالي من غموض في بعض مفاهيمه ، وخَلَلٍ واضطراب في
بعض أصوله وقواعده ، ومعاناة كبيرة من قصور مناهجه ، وخطأ أساليبه ، وضعف وسائله
....

ولا يزال هذا العلم الناشئ – كما أشرت في المقدمة – بحاجة ماسة إلى
تأصيل موضوعاته ، وتحديد مصطلحاته ، وتصحيح تطبيقاته ، وما إلى ذلك ، شأنه في ذلك
شأن أي علم جديد ناشئ .

ولعل هذا المدخل يُساهم في تحقيق هذه الأهداف ،
ويسد حاجة من هذه الحاجات.

هذا عن نشأة علم الدعوة ،



أما
عن علاقته وصلته بالعلوم الشرعية الأخرى:

فلا شك في أن العلوم الشرعية قد
تعددت وتنوعت بحسب موضوعاتها ، فكل علم من هذه العلوم يبحث في جانب من جوانب علوم
الإسلام الكامل الشامل.

وإن الناظر في طبيعة ونشأة العلوم الإسلامية
المتعددة يجدها ترجع إلى أحد أمور ثلاثة جاء بها هذا الإسلام ،وهي : المِلّة ،
والشريعة ، والمنهج ، التي يجمعها اصطلاح ( دين ) أو ( إسلام ) .

فقد
تعبَّد الله عز وجل عباده بهذه الأمور جميعاً ، وبين أن الملة واحدة ، والشرائع
والمناهج متعددة ، فقال سبحانه مبيناً وحدة الملة :

) ثُمَّ أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ ((1)

وقال أيضاً:

) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي
إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا
كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ ((2)

وقال أيضاً :

) إني تركتُ مِلَّة قوم لا
يؤمنون بالله ، وهم بالآخرة هم كافرون* واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسـحق ويعقوب ،
ما كان لنا أنْ نُشْرك بالله من شئ ،ذلك من فَضْل الله علينا وعلى الناس ، ولكنَّ
أكثر الناس لا يشكرون( (3)

كما قال الله تعالى مبيناً تعدُّدَ الشرائع
والمناهج :

) إنا أنزلنا التوراةَ فيها هُدَى ونورٌ ، يَحكمُ بها النبيون
الذين أَسْلموا للذين هادوا، والربّانيون والأحبارُ بما استُحْفِظوا من كتاب الله
وكانوا عليه شهداء... إلى أن قال :

وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم ،
مصدقا لما بين يديه من التوراة ، وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونورٌ ، ومصدقا لما بين
يده من التوراة ، وهدى وموعظة للمتقين.. إلى أن قال:

وأنزلنا إليك الكتاب
بالحق مُصَدِّقا لما بَيْنَ يديه من الكتاب ، ومُهيمناً عليه ، فاحكم بينهم بما
أنزل الله ، ولا تَتَّبع أهواءهم عما جاءك من الحق ، لكلٍ جَعْلَنا منكم شِرْعةً
ومِنْهاجاً ، ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدة ، ولكن لِيَبْلوكم فيما آتاكم ،
فاستَبِقوا الخيرات ، إلى الله مَرجِعُكم جميعاً ، فَيُنَبِّئكم بما كنتم فيه
تختلفون((1)

وسيأتي معنا قريباً في هذا التمهيد بيان معنى كلٍ من الملة
والشريعة والمنهج تفصيلاً عند الكلام عن مصطلحات علم الدعوة – إن شاء الله –


ويكفي هنا أن نعلم بأن دراسة (الملة) أصبحت من اختصاص أقسام العقيدة في
الجامعات الإسلامية اليوم ، كما أن دراسة ( الشريعة ) أصبحت من اختصاص أقسام الكتاب
والسنة ، وأقسام الفقه والأصول ، وأصبحت دراسة ( المنهج ) من اختصاص أقسام الدعوة
.

وإن هذه الدراسات جميعها تمثل دراسة الدين الواحد الذي يشمل كلاً من الملة
والشريعة والمنهج .

لهذا ، كان أي فَصْلٍ كامل بين هذه الدراسات ، أو
العناية بواحدة منها على حساب الأخرى ، يُعدَّ فصلاً بين أجزاء مترابطة ، لا يصح
الدين ولا يَكمُل ولا يَسْلَمُ إلا بها جميعاً.

فالداعية إلى الله يدعو إلى
كلٍ من الملة والشريعة والمنهج ، والدارس للملة والشريعة لابد له من معرفة المنهج
والطريق الصحيح لذلك ، فكل اختصاص من هذه الاختصاصات مفتقر إلى غيره ، وإذا كان
ثَمَّة من فارق ، فإنما هو من نوعية التخصص من جهة ، ومدى عناية أصحاب كل تخصص
بتعميق وتأصيل بعض المواد العلمية المتعلقة بتخصصهم أكثر من بعض المواد الأخرى من
جهة أخرى.

فإذا كانت أقسام العقيدة تعني أول ما تُعني بدراسة العقيدة التي
تتناول أصول الملة وفروعها ، ودراسة الملل والنحل الأخرى ، فإنه لاغنى لدارس
العقيدة عن دراسة الأحكام الشرعية ومعرفتها ، وعن بصيرةٍ بالمنهج والأسلوب الذي
يدرس به هذه العقيدة ويدعو به إليها ، لتسلَمَ له عقيدتُه ، ويَعلمَ كيف يدعو إليها
وبعلمها ويطبقها في حياته.. وإلا كانت دراسته نظريةً مجردة .

وإذا كانت
أقسم القرآن والسنة ، وأقسام الأصول والفقه ، تُعني أول ما تعني بدراسة القرآن
الكريم والحديث الشريف ، وبدراسة أصول الفقه وأحكام الفقه ، فإنه لا غنى لدارس هذه
العلوم من معرفة صحيحة بالملة والعقيدة التي تُعدُّ أساسا لها ، ومن بصيرة بالمنهج
والأسلوب الذي يدرس به هذه الشريعة ، ويدعو به إليها ويعلمها للناس ويعمل على
تطبيقها في حياتهم ، وإلا كانت عباداته جافة ، وأضحت دراسته للكتاب والسنة نظرية
مجردة.

وإذا كانت أقسام الدعوة تُعني أول ما تعني بدراسة تاريخ الدعوة
وأصولها ، والتعرف على مناهجها وأساليبها ووسائلها وما إلى ذلك .... فإنه لا غنى
لدارس الدعوة من معرفة صحيحة بالملة والعقيدة ، وإلمام واف بالأحكام الشرعية
العملية ، لتسلم له عقيدته وشريعتُه من جهة ، ويكون على بصيرة بما يدعو إليه من جهة
أخرى . وإلا كانت دعوته إلى ضلال ، وعمله في غير هدى ، قال تعالى:

) قُلْ
هذه سَبيلي أُدْعو إلى الله على بَصيِرة ، أنا ومَن اتبّعني ( (1) .

ومن
هنا يتبيَّن لنا : أن اختلاف الأقسام العلمية في ترتيب أولياتها ، وفي تقديم مادة
علمية على غيرها ، إنما يعود إلى واقع تخصصها وطبيعة ميدانها فحسب ، ولا صلة له
بتفضيل علم على علم أو ترجيح تخصص على غيره ، بل لابد لكل قسم من هذه الأقسام أن
يُقَدَّم للدارسين فيه الحد الكافي من العلوم الأخرى ، وإن لم تكن من تخصصه في
الأصل...

ويمكنني أن أضرب مثلاً حسياً يبرز لنا صِلَةَ هذه الاختصاصات
العلمية بعضها ببعض ، ويكشف لنا عن مدى الترابط بينها :

فإن مثل الملة
والشريعة والمنهج ، مثلُ الماء الصافي الذي ينبع من مكان معين ، ثم يمشي في جداول
وسواقي يروي الأرض ، وينبت الزرع ، ويستقي منه الناس...

فأصل النبع ومكانه
يمثل ( الملَّة الواحدة الثابتة) ، والماءُ المتدفق الجاري الذي يروي الأرض وينبت
الزرع ويستقي منه الناس ، يمثل ( الشريعة الكاملة المستمرة....) والجداولُ والسواقي
المنتشرة هنا وهناك ، التي يجري الماء في إطارها ، ويتمكن الناس بسـببها من
الاستفادة من الماء على وجه متكامل صحيح ، تمثل المنهج الواضح.

فإن أي
ضَعْفٍ أو ضمور في النبع ومصدر الماء ، يؤثر تأثيراً كبيراً في كمية الماء الذي
يصدر عنه ، فيضعُفُ سَيْرُه في الجداول والسواقي ، وتقلُّ فائدته ، وقد تصاب مناطق
كثيرة بسبب ذلك بالجفاف والجدب..

كما أن أي رافد غريب قد يرفد هذا النبع ،
يعكر من صفو الماء ، ويخرجه عن طبيعته الأولى ...

وأي خَلَلٍ في الجداول
والسواقي التي تشكل طريق هذا الماء ، قد يبعثر انتشاره، ويقلل من الاستفادة منه ،
كما قد يضر انتشاره حيث لا يراد انتشاره فيه ، أو يتأخر وصوله إلى المكان الذي
ينتظره بسبب ذلك ، وهكذا ...

فإنه بقدر حرصنا ومحافظتنا على سلامة المنبع
وبقائه ، وسلامة الجداول والسواقي وكثرتها ، يمكننا أن نحافظ على صفاء وقوة تدفقه ،
وعظم أثاره وفوائده ، وبقدر إهمالنا لذلك المنبع ، أو غفلتنا عن تلك الجداول نعاني
من تكدر الماء وتغير طبيعته ، وقلة تدفقه وضعف أثره.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني
» الكتاب الاول في اللغة العربية
»  لمني بشوق وحضني(الفصل الاول)
»  مصير الحي يتلاقى - الجزء الثاني
»  مصير الحي يتلاقى الجزء الأول (مع التعديل من قبل الكاتب)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
STARSEVEN :: الادب :: اِسلاميات-
انتقل الى: