STARSEVEN
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي الكرام هاذا المنتدى يدعوكم للتسجيل ارجو من كل زائر وزائرة الانضمام الى اسرتنا مع كل تهاني
مدير المنتدى
STARSEVEN
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي الكرام هاذا المنتدى يدعوكم للتسجيل ارجو من كل زائر وزائرة الانضمام الى اسرتنا مع كل تهاني
مدير المنتدى
STARSEVEN
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

STARSEVEN

منتدى الملكي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» من أحسن الألعاب
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:59 pm من طرف Admin

» قصة لوط عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:54 pm من طرف Admin

» اليسع عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 04, 2011 10:51 pm من طرف Admin

» الرفيق في الرياضات السنة الثانية متوسط
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:16 pm من طرف kamel

» من اروع قصص الصحابه
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:12 pm من طرف YOUNES.14

» شعر عن الامة
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 26, 2011 2:07 pm من طرف krimou_ozil

»  قصة آدم عليه السلام
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:53 pm من طرف mohamed23

»  قصة في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:51 pm من طرف mohamed23

» كريستيانو رونالدو
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 6:47 pm من طرف mohamed23

سحابة الكلمات الدلالية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

 

 مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
1.2.3 viva l'algerie

1.2.3 viva l'algerie


عدد المساهمات : 38
تاريخ التسجيل : 24/03/2011
العمر : 31

مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني   مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني I_icon_minitimeالأحد يوليو 17, 2011 11:38 am


2- بيان حكم الدعوة ، وموضوع علم الدعوة :

أ – بيان حكم الدعوة:


اتفق العلماء على وجوب الدعوة ، واختلفوا في نوعية الوجوب ، هل هو على
التعيين ، أم على الكفاية ؟ وتوسع كل طرف في الاستدلال على قوله بالنصوص الشرعية
والأدلة العقلية ، مما قد يُشْعِرُ المطّلع على هذا الخلاف والاستدلال بالبعد بين
القولين ، والأثر الكبير لهما في جانب العمل . والذي رأيته بعد متابعة القولين
وأدلتهما أن الخلاف بينهما أشبه بالخلاف النظري ، وتَضيقُ المسافةُ بينهما في
الجانب العملي .

وقبل أن أقرر هذه النتيجة ، لا بد من إلمامة مجملة بأصل
الخلاف في المسألة مع الاستدلال عليها. فأقول: استدل العلماء القائلون بالوجوب
العيني بأدلة منها:

1- بأن لفظة " من " في قوله تعالى) ولتكن مِنْكم أمةٌ
يدعون إلى الخير ، ويَأمْرون بالمعروف ويَنْهونَ عن المنكر ، وأولئك هم المفلحون (
(1). هي : للبيان والتبيين ، وليست للتبعيض وذلك بقرينة الأدلة الأخرى التالية ،
فتفيد هذه الآية عندهم توجيه الخطاب بالدعوة إلى جميع المكلفين ، فتكون الدعوة
واجبة على كل فرد مسلم بقدر استطاعته (2)

2- بعموم قوله تعالى: ) كنتم
خَيرَ أمة أخْرِجَتْ للناس ، تَأّمرون بالمعروف وتَنْهون عن المنكر ، وتؤمنون بالله
((3) . فجعلت الآية الدعوة سِمةً عامة من سمات الأمة المسلمة ، فتكون واجبة عليها
جميعاً .

3- وبقوله r : " من رأى منكم منكراً فليُغيره بيده ، فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان" (4) . وإن " مَنْ " من ألفاظ
العموم فيعم الحكم.

4- وبعموم قوله r : " ليٌبْلِغ الشاهدُ الغائب ، فإن
الشاهد عسى أن يُبلغ من هو أوْعى له منه " (1)

واستدل العلماء القائلون
بالوجوب الكفائي بأدلة ، منها:

1- بأن لفظة " من" في قوله تعالى: ) ولتكن
منكم أمة ... الآية ( هي للتبعيض ، وذلك بقرينة الأدلة التالية (2)

2-
وبقوله سبحانه: ) وما كان المؤمنون لِيَنْفروا كافةً ، فلولا نَفَر مِنْ كل ِفرْقة
منهم طائفةّ لِيتفَقَّهوا في الدين ، وليُنذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ، لَعلَّهم
يَحْذَرون ( (3)

3- ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل يحتاج إلى
علم وبصيرة بالشروط والأحوال ، وهذا لا يتوفر في جميع المسلمين ، فيكون الواجب على
من توفر فيه الشرط ، فإذا قام بواجب الدعوة من توفرت فيهم الشروط سقط الإثم عن
الباقين. إلى غير ذلك من أدلة.

وقد اختلف العلماء أيضاً في ترجيح أحد
القولين على الآخر ، فمنهم من رجح القول الأول ، ومنهم من رجح القول الثاني ، ولا
أرى حاجة للدخول في هذه الترجيحات ما دام الخلاف في نظري خفيفا ليس له من أثر عملي
كبير... وذلك لما يلي:

1- لاتفاق الطرفين على أصل الوجوب.

2- ولأن
الذين قالوا بالوجوب الكفائي ، يتفقون مع الآخرين بأنه إذا لم تحصل الكفاية لم يسقط
الحكم عن الباقين ، ويبقى الخطاب متوجهاً إلى الجميع حتى تتحقق الكفاية ، وإذا لم
تتحقق الكفاية أثم الجميع .

3- ولأن الذين قالوا بالوجوب العيني ، قيدوا
الوجوب بالاستطاعة فمن لم يكن عالماً بحكم المنكر لا يعد مستطيعاً بالاتفاق ، وكذلك
من كان عاجزاً عن تغيير المنكر سقط عنه الوجوب ، فلا يترتب على القول بالوجوب
العيني حرج على أحد .

4- ولأنه لو سقط الوجوب بقيام من تتحقق بهم الكفاية ،
بقى حكم الندب ، فيندب جميع المسلمين إلى القيام بالدعوة استدلالاً بقوله تعالى: )
ومَنْ أَحْسَنُ قولاً ممن دَعا إلى الله وعَمِلَ صالحاً ، وقال إنني من المسلمين(
(1). وبغير ذلك من نصوص شرعية ترغب في الدعوة وترتب على فعلها الثواب العظيم .


هذا كله من جهة ، ومن جهة أخرى : إن تَصَوُّرَ تحقّق الكفاية في جانب
الدعوة أمر شبه مستحيل ، لأن للدعوة الإسلامية مجالين أساسيين:

أ - دعوة
غير المسلمين للإسلام .

ب- دعوة المسلمين أنفسهم إلى الإسلام ، على مختلف
درجاتهم فيه – كما سيأتي في أصناف المدعوّين- .

وكلا المجالين متجدد ،
وتستمر الحاجة إلى الدعوة فيه ، ولا يمكن أن تتصور الكفاية فيهما إلا على نطاق نادر
ومحدود .

ومن هنا كانت النصيحة مطلوبةً من جميع المسلمين ، بل كان الدينُ
النصيحة ، كما صرح بذلك قوله r : " الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله ولكتابه
، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم" (2) ، وكان التواصي بالحق والتواصي بالصبر
شرطين أساسيين من شروط النجاة في الحياة كما صرح بذلك القرآن الكريم في سورة العصر.


ب – بيان موضوع علم الدعوة :

لابد لبيان موضوع علم الدعوة من بيانٍ
لموضوع الدعوة نفسها ، وذلك دفعا للالتباس والتداخل .

فإذا نظرنا في تعريف
الدعوة الذي اخترناه سابقاً هو" تبليغ الإسلام للناس ، وتعليمه إياهم ، وتطبيقه في
واقع الحياة " بأنَ لنا أن موضوع الدعوة هو( الإسلام ) الذي يعمل الداعية على
تبليغه وتعليمه وتطبيقه.

وإذا نظرنا في تعريف علم الدعوة الذي عرفناه به
سابقاً وهو : " مجموعةُ القواعد والأصول التي يُتوصل بها إلى تبليغ الإسلام للناس ،
وتعليمه وتطبيقه " . بانَ لنا بأن موضوعه يشمل جميع المسائل العلمية والقواعد
والأصول التي يتوصل بها الداعية إلى القيام بدعوته حق القيام . وهي جميع ما يدرسه
طالب علم لدعوة من موضوعات علمية ، أو مواد دراسية ليحصل ذلك العلم . ويمكننا تفصيل
هذه الموضوعات والمواد الدراسية في عدة أمور :

1- تاريخ الدعوة : وهو موضوع
يتناول دراسة نشأة الدعوة وتطورها من زمنه r إلى يومنا هذا ، أو من زمن آدم عليه
السلام إلى يومنا هذا - على اختلاف اصطلاحي في تحديد الزمن-.

2- أصول
الدعوة : وهو موضوع يتناول بيان أدلة الدعوة ومصادرها ودراسة أركانها بما يشمل :
الداعي والمدعو وموضوع الدعوة.

3- مناهج الدعوة : وهو موضوع يتناول خطط
الدعوة ونظمها المرسومة لها .

4- أساليب الدعوة: وهو موضوع يتناول بيان
كيفية تطبيق مناهج الدعوة .

5- وسائل الدعوة: وهو موضوع يتناول دراسة ما
يستخدمه الدعاة وما يحتاجون إليه في سبيل دعوتهم .

6- مشكلات الدعوة
وعقباتها: وهو موضوع يقف بالداعية على المشكلات والعقبات التي تعترض طريق الدعوة ،
وسبل معالجتها ، سواء أكانت عقبات داخلية أم خارجية.

ولما كانت المداخل
العلمية تشمل موضوعات العلوم الأساسية ، كان كتابنا هذا (المدخل إلى علم الدعوة)
شاملا لجميع هذه الموضوعات على وجه إجمالي ينسجم مع طبيعة المداخل العلمية .


وأود هنا أن أشير إلى أنَّ هناك من يُدخل موضوع " سِيَر الدعاة وتراجمهم "
في موضوعات علم الدعوة ، نظرا لحاجة الدعاة إلى التعرف عليها والإفادة منها
.

إلا أنني أرى إخراجه عن موضوع علم الدعوة – مع التسليم بأهمية وضرورة
دراسة الدعاة له – وذلك لأن سير الدعاة بوجه عام تشمل : سيرته r وسيرة الأنبياء من
قبله عليهم الصلاة والسلام ، كما تشمل سيرة صحابته الكرام وتابعيهم ، والتابعين لهم
بإحسان إلى يومنا هذا...

وقد أصبحت السيرة عِلْماً مستقلا له مؤلفاته
الخاصة به ، كما أصبح علم الرجال والتراجم علماً خاصاً أيضا له كتبه ومصنفاته ،
فيمكن للدعاة أن يأخذوا سير الدعاة من كتب السيرة والتراجم ، كما يأخذون علوم
القرآن وعلوم الحديث من مصنفاتهما وكتبهما.

وليس من الضروري إدخال كل شيء
يحتاج إليه الدعاة في علم الدعوة ، فالحاجات كثيرة ، والمتطلبات متنوعة ، والترابط
بين العلوم الشرعية أمر قائم – كما بينت سابقاً- .

وبهذا يصبح موضوع علم
الدعوة محصوراً في الموضوعات الستة التي ذكرتها، والتي سنتناول الحديث عنها في هذا
المدخل بعد هذا التمهيد إن شاء الله .

2-تحديد مصطلحات علم
الدعوة:

إن لكل علم مصطلحاته الخاصة به ، كما أن هناك مصطلحات عامة مشتركة
بين العلوم ، وكثيراً ما تتداخل المصطلحات العامة مع المصطلحات الخاصة ، فلا
يُدقِّق المستعملون لها في تحديدها ، إلى أن يأتي وقت تستقر فيه تلك المصطلحات ،
وتصبح أعرافاً ثابتة ، عامة كانت أو خاصة .

ومن هنا جاء التداخل والغموض في
بعض مصطلحات علم الدعوة عند كثير من الكتابين فيه ، فمنهم من يستعمل مصطلح" مناهج
الدعوة " ويريد بها أصولها وأهدافها ، كما فعل الأستاذ : محمد سرور زين العابدين في
كتابه " منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله " فقد قال في مقدمة كتابه :

" في
اختيار عنوان الكتاب : ( منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله ) قَصدْتُ الأصول
والأهداف الواحدة التي كانت تجمع بين أنبياء الله جميعاً ، وهذا الذي يعنيه كثير من
الكتاب في عصرنا ، وكما يقولون : لا مشاحَّةَ في الاصطلاحات ، لاسيما إذا كانت لا
تتعارض مع تفسير قوله تعالى ) لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً( أي أن أصل الدين واحد
والشرائع مختلفة "(1) أ. هـ .

ومنهم من يستعمل مصطلح الطرق والأساليب
الدعوية بما يشمل الوسائل ، كما فعل الأستاذ الدكتور : أحمد بن محمد العدناني في
كتابه " طرق الدعوة الإسلامية " فعرض فيه الأساليب الدعوية ممزوجة بالوسائل .


ومنهم من استعمل مصطلح ( الدعوة ) وأرادبه ( الإسلام ) نفسه ، كما فعل
الأستاذ محمد أمين حسن في كتابه " خصائص الدعوة الإسلامية " فبعد أن تحدث بإسهاب عن
المعنى الأول للدعوة وعرفها بأنها " تبليغ الناس جميعاً دعوة الإسلام ، وهدايتهم
إليه قولاً وعملاً في كل زمان ومكان ، بأساليب ووسائل خاصة تتناسب مع المدعوين على
مختلف أصنافهم وعصورهم" (2) وذكر المعنى الثاني للدعوة بأنه " الدين " قال :


" والدعوة بهذا المعنى – أي الثاني – موضوع هذه الرسالة " فذكر خصائص
الرسالة الإسلامية وتحدث عن عدد منها "(3)

إلى غير ذلك من تداخلات تورث
نوعاً من الاضطراب والغموض في مصطلحات العلم ، وكثيراً ما شعرت بأهمية تحديد
مصطلحات علم الدعوة ودفع هذه التداخلات خلال مناقشة المناهج والخطط الدراسية لقسم
الدعوة في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة ، حيث كانت تدور
مناقشات كثيرة من وراء هذا اللبس والغموض!

لذا رأيت من الضروري تخصيص مبحث
في هذا التمهيد لتحديد مصطلحات علم الدعوة ، عسى أن تنال من الدارسين لهذا العلم
حقها من المناقشة والتمحيص ، لتأخذ هذه المصطلحات طريقها إلى الاستقرار.


ولعل من أهم وأبرز هذه المصطلحات ما يلي:

الدعوة – الداعي – المدعو
– المِلّة – الشريعة – المنهج – أصول الدعوة - مناهج الدعوة – أساليب الدعوة -
وسائل الدعوة -

1- مصطلح الدّعوة :

سبق في تعريفنا للدعوة عند
الكلام عن تعريف علم الدعوة ، أن الدعوة تطلق بمعنيين اثنين : أحدهما على الإسلام
نفسه ، والآخر عن الدعوة لهذا الإسلام ، وبينا أن المعنى الثاني هو المراد في مصطلح
علم الدعوة واخترت في تعريفها أنها :

" تبليغ الإسلام للناس ، وتعليمه
إياهم ، وتطبيقه في واقع الحياة " فلا داعي للإطالة في توضيح هذه المصطلح مرة أخرى
.

2- مصطلح الداعي :

وهو القائم بالدعوة ، واسم فاعل من دعا يدعو ،
وتأتي الهاء في آخره للمبالغة، فيقال عمن عُرف بالدعوة " داعية " (1) . هذا في
اللغة .

أما في الاصطلاح : فيمكننا استنتاج المعنى الاصطلاحي له من المعنى
المختار للدعوة الذي سبق بيانه ، فنقول: الداعي هو:

" المُبلِّغُ للإسلام ،
والمُعلِّمُ له ، والساعي إلى تطبيقه ". فيشمل مصطلح الداعي من قام بأعمال الدعوة
كلها ، أو بعمل من أعمالها ، إلا أن الذي يقوم بهذه الأعمال جميعها هو الداعية
الكامل.

فقد قال الله عز وجل عن رسوله r:

) يا أيها النبي إنا
أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ،وداعياً إلى الله بإذنه ، وسراجاً منيراً( (2)


وجاء في القرآن الكريم :

) يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به
... ( (3)

كما يمكن تعريف الداعي بأنه " المسلم " مطلقاً ، لأن الدعوة وظيفة
كل مسلم ، قال تعالى:

) قُلْ هذه سَبيلي أدْعُو إلى الله على بَصِيَرة ،
أنا ومن اتبَّعني ((1)

ولكن التعريف الأول يبقى أولى ، وذلك لوضوحه من جهة
، ولأن المسلم قد يقصر في وظيفته فلا يقوم بالدعوة ، ولا يكون داعية من جهة أخرى
.

وسيأتي معنا تفصيل المسائل المتعلقة بالداعي في البحث عن أركان الدعوة إن
شاء الله .

3- مصطلح المدعوَّ :

المدعوّ: اسم مفعول من دعاه يدعوه
، فهو : مدعو.

أما معناه الاصطلاحي : فهو " من تُوَجَّه إليه الدعوة "
ويمكن أن يعرف أيضاً بأنه: " الإنسان" مطلقاً ، قريباً كان أو بعيداً ، مسلماً أو
غير مسلم ، ذكراً أو أنثى.. إلى غير ذلك من أوصاف.

ويدل لهذا قوله تعالى :


) وما أرسلناك إلا كافةً للناس ( (2)

وقوله : ) قل يا أيها الناس
إني رسول الله إليكم جميعاً( (3)

وما أكثر النداءات القرآنية التي تبدأ
بقوله تعالىSmile يا أيها الناس( !

وسيأتي معنا تفصيل المسـائل المتعلقة
بالمدعو في بحث أركان الدعوة إن شاء الله .







4-
مصطلح المِلّة:

الملة تطلق في اللغة ويراد بها " الشريعة والدين ، وفي
الحديث: لا يتوارث أهل مملتين ، والملة : الدين ، كملة الإسلام ، والنصرانية ،
واليهودية ، وقيل: هي: معظم الدين ، وجملة ما يجئ به الرسل " (1)

ويفهم من
هذا أن كلمة ( ملة ) تكون مرادفة لكلمة دين أو شريعة ، كما تكون دالة على معظم
الدين والشريعة ، قال تعالى:

) ثُمَّ أوْحَينا إليك أن اتَّبِع مِلَّةَ
إبراهيم حنيفاً ،وما كان من المشركين( (2)

وقال تعالىSmile ومَنْ يَرْغَبُ عن
مِلَّةِ إبراهيم إلا من سَفِهَ نَفْسه ( (3)

أما في الاصطلاح : فقد أطلقت
الملَّة على " أصل الدين ، أو على جانب العقائد فيه " وعلى هذا القول بأن ملة
الأنبياء واحدة ، وملة الكفر واحدة ، كما سُمِّيت كتبٌ بكتب " الملل والنحل" .


فإذا أطلقت " الملَّة " بمقابل الشريعة والمنهج ، انصرفت إلى " جانب
العقائد من الدين" ، وإذا أطلقت وحدها شملت الدين كله.

5- مصطلح الشريعة:


الشريعة في اللغة ، والشِرْعةُ : " ما سَنَّ " الله من الدين ، وأمر به ،
كالصوم والصلاة ، والحج والزكاة ، وسائر أعمال البر ، مشتقّ من : شاطئ البحر ، عن
كُراع (4) ومنه قوله تعالىSmile ثم جعلناك على شـريعة من الأمر ( (5). وقوله تعالى: )
لكل جعلنا منكم شِرعْةً ومنهاجاً ( (6) . ، قيل في تفسيره :

" الشرعةُ:
الدين ، والمنهاجُ : الطريق ، وقيل : الشرعة والمنهاج جميعاً: الطريق، والطريقُ
ههنا : الدين ، ولكن اللفظ إذا اختلف أتى به بألفاظ يؤكد بها القصة والأمر". ذكر
هذا صاحب " لسان العرب " وأضاف :

" وقال محمد بن يزيد : شِرْعةّ ، معناها :
ابتداء الطريق ، والمنهاج : الطريق المستقيم ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما :
شِرْعةً ومنهاجاً: سبيلاً وسُنَّة ، وقال قتادة : شرعةً ومنهاجاً: الدين الواحد ،
والشريعة مختلفة ، وقال الفرّاء في قوله تعالى: ) ثم جعلناك على شريعة ( على دين
ومِلّة ومنهاج ، وكل ذلك يقال. " (1) أما الشريعة في الاصطلاح: فهي : " مجموعة
الأحكام الشرعية الصادرة عن الشارع " تُطلق ويراد بها الأحكام العملية بمقابل
الأحكام العقدية ، كما قد تُطلق ويُراد بها جميع الأحكام الشرعية عقديةً كانت أو
عملية ، وذلك بحسب السباق.

6-مصطلح المنهاج:

المنهاج في اللغة (2)
"الطريق الواضح ، واسَتنْهَجَ الطريقُ" صار نَهْجاً، وفي حديث العباس: لم يمت
رســول الله r حتى ترككم على طريقة ناهجة ، أي:واضحة بينة. والمنهاج كالمنهج ، وفي
التنزيلSmile لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً( (3)

ومن هذا المعنى اللغوي
استحدثت كلمة "منهاج " بمعنى : " الخطة المرسومة ، ومنها : منهاج الدراسة ، ومنهاج
التعليم ونحوها ، والجمع مناهج" (4)

ولا يخفى التقارب بين كلمتي" منهاج وسنة
" في المعنى ، فكلاهما في اللغة بمعنى الطريقة ، وإن زادت كلمة المنهج عليها
باشتمالها على الوضوح.

ويمكن تعريف المنهج والمنهاج في الاصطلاح : بأنه "
النظام والخطة المرسومة للشيء" .

ومن الطبيعي أن تكون المناهج والشرائع
متعددة ، لأنها أحكام وأوامر ونواهي ، وخطط ونظم وطرق من جهة ، ولتعلقها بجانب
العباد الذين تختلف أحوالهـم وأوضاعهم زماناً ومكاناً من جهة أخرى ، خلافا للملة ،
فإنها لا تتعدد ، وذلك لتعلقها بجانب الله عز وجل الواحد الأحد.

7- مصطلح
أصول الدعوة :

أصْلُ الشيء في اللغة : أساسه الذي يقوم عليه ، ومنشؤه الذي
ينبتُ منه ، وأصول العلوم : قواعدها التي تبني عليها الأحكام (1)

ومن هذه
المعاني اللغوية لكلمة أصول ، يمكننا أن نعرف أصول الدعوة في الاصطلاح بما يشمل :


أ‌- أدلة الدعوة ومصادرها التي تستند إليها.

ب - وأركانها التي
تقوم عليها ، ولا توجد إلا بها .

فيصبح تعريف أصول الدعوة : " أدلتها
ومصادرها ، وأركانها " وسيأتي تفصيل كل هذه الأمور في محله من الكتاب إن شاء الله
تعالى.

8- مصطلح مناهج الدعوة :

المناهج : مفردها: منهجٌ ومنهاج ،
وقد سبق معنا في المصطلح السادس بيان معنى المنهاج لغة ، وبياناً أنه استحدثت كلمة
منهاج بمعنى: ( الخطة المرسومة) ، ومنها: منهاج الدراسة ، ومنهاج التعليم..


ومن هذه التعريفات اللغوية الأصلية والمستحدثة لكلمة منهاج ، يمكننا أن
نعرف مناهج الدعوة في الاصطلاح بأنها:

" نُظُمُ الدعوة ، وخططها المرسومة
لها " فيقال:

نظام العقيدة في الإسلام ، ونظام العبادة ، ونظام الاقتصاد ،
ونظام السياسة.. ما إلى ذلك ...

كما يقال: نظام تبليغ الإسلام ، ونظام
تعلميه ، ونظام تطبيقه... وسنتناول أنواع المناهج الدعوية ، والمسائل المتعلقة بها
في محلها من هذا الكتاب إن شاء الله .

9- مصطلح أساليب الدعوة:


الأساليب : جمع أسلوب ، وهو في اللغة : الطريق ، ويقال: سلكت أسلوب فلان في
كذا: طريقته ومذهبه ، وأسلوب الكاتب :

طريقته في كتابته(1) ، ويقال : أخذ
فلان في أساليبَ في القول: أي أفانينَ منه (2)

ومن هذا التعريف اللغوي لكلمة
أسلوب ، يمكننا أن نعرف " أسلوب الدعوة " في الاصطلاح ، بأنه:" طريقة الداعي في
دعوته" أو " كيفية تطبيق مناهج الدعوة" .

فأساليب الدعوة :" الطرق التي
يسلكها الداعي في دعوته" أو كيفيات تطبيق مناهج الدعوة " .

ولاشتراك كلٍ من
المناهج والأسلوب في المعنى اللغوي وهو " الطريق" ، يبرز الترابط الوثيق بين
المناهج والأساليب من جهة ، كما تبرز الدقة في التفريق بينهما من جهة أخرى.


فالمناهج الدعوية : هي النظم والخطط الدعوية ، والأساليب الدعوية ، هي :
كيفيات وطرق تطبيق تلك النظم والخطط الدعوية ، ولنضرب على ذلك بعض الأمثلة زيادة في
التوضيح :

إذا كانت العبادة في الإسلام منهجاً ونظاماً ، فإن من أساليبها:
الصلاة ، والصيام، والزكاة ، والحج وما إلى ذلك من أشكال تطبيق العبادة ...
.

وإذا كان الاقتصاد في الإسلام منهجاً ونظاماً ، فإن من أساليبه : جميع
أشكال التعامل المالي في الإسلام ، من البيع والصرف ، والإجارة والرهن والشركة وما
إلى ذلك من أشكال التطبيق..

وإذا كان السَمْعُ والطاعة في الإسلام منهجاً
ونظاماً ، فإن من أساليب تطبيقه: القيادات الفردية أو الجماعية ، واختيار الإمام ،
وتأمير الأمير في السفر وغيره ....

وإذا كانت الشورى في الإسلام منهجاً
ونظاماً ، فإن من أساليب تطبيقها الاستشاراتُ الفردية والجماعية ، والشورى الملزمة
، والشورى المعلمة ، وما إلى ذلك من تطبيقات ...

وقد جاءت الآية القرآنية
مشيرة إلى أنوا أساسية من الأساليب الدعوية ، وآمرة بالآخذ بها ، مثل قوله تعالى :


) أُدْعُ إلى سبيل ربِّكَ بالحِكْمة والمَوْعظة الحسنة ، وجادِلْهم بالتي
هي أحسن ((1)

وقوله سبحانه:

) فَبِما رَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لهم
، ولو كنتَ فَظاً غليظَ القلبِ لانفَضُّوا من حَوْلك ، فَاعْفُ عنهم ، واستغفِرْ
لهم ، وشاوِرْهم في الأمر ، فإذا عَزَمْتَ فتوكَّلْ على الله ، إن الله يحب
المتوكلين( (2)

10 – مصطلح وسائل الدعوة :

الوسائل في اللغة :
مفردها وسيلة ، والوسيلة : الوُصلة ، والاتصال ، وهي في الأصل: ما يُتوصل به إلى
الشيء ويتقرَّبُ به ، يُقال : وَسَلَ إليه وسيلةً
وتَوسَّلّ (3) ومن هذا المعنى
اللغوي لكلمة" وسائل" يمكننا تعريف وسائل الدعوة في الاصطلاح بأنها:" ما يتوصل به
إلى الدعوة" .

ولما كان ما يتوصل به إلى الدعوة عاماً شاملا لجميع ما يحتاج
إليه الدعاة من أصول الدعوة ومناهجها وأساليبها ووسائلها ، وكان لكل من الأصول
والمناهج والأساليب معنى اصطلاحي خاص ، قَصَرْنا المعنى الاصطلاحي للوسائل الدعوية
على ما يستخدمه الداعية للوصول إلى غايته ، سواء أكان اتصافاً بصفاتٍ معنوية ، أم
كان استعمالا لأدواتٍ مادية ، أم قياماً بأعمال تطبيقية...

فأصبح تعريف
وسائل الدعوة هو :

"ما يتوصل به الداعية إلى تطبيق مناهج الدعوة من أمور
معنوية أو مادية" .

وسيأتي تفصيل هذه الأمور في بحث الوسائل من هذا الكتاب
إن شاء الله.







الفصل الأول



تاريخ
الدعوة وتطورها



ويشتمل على مقدمة ، وأربعة
مباحث:





1- الدعوة قبل الإسلام.

2- الدعوة في زمن
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزمن خلفائه الراشدين.

3- الدعوة في زمن
الأمويين والعباسيين والعثمانيين.

4- الدعوة في العصر الحديث
.







مقدمة بين يدي تاريخ الدعوة

قبل الحديث عن
تاريخ الدعوة ، تحسن الإشارة إلى عدة أمور :

أ– لقد تعددت مناهج الباحثين
في تاريخ الدعوة في تحديد بدء الدعوة ، فمنهم من يجعلها تبدئ من بعثة محمد r ، وذلك
ملاحظة للمعنى الخاص للدعوة الإسلامية.

ومنهم من يرجعها إلى بعثة الأنبياء
والرسل السابقين عليهم الصلاة والسلام ، وذلك ملاحظة للمعنى العام للدعوة الإسلامية
، إذ دعوة الرسل الكرام واحدة ، والرسل جميعاً قد جاءوا بالإسلام بمعناه العام.


ولا يُعدُّ هذا خلافاً ما دام يعود إلى اعتماد أحد المعنيين لهذا الإسلام:
المعنى العام أو المعنى الخاص ، ولكن الذي أراه وأعتمده:

أنه حيث تطلق كلمة
الدعوة إلى الله من غير قيد ، فإن تاريخها يشمل دعوة الرسل جميعاً عليهم الصلاة
والسلام ، ويبدأ من أول رسالة أرسلت للناس.

وحيث تُقيدُّ بالدعوة الإسلامية
، فإن تاريخها يبدأ من بعثة نبينا محمد r. عملاً بالعموم والخصوص.

ب – إنه
إذا ما بدأت بعض كتب تاريخ الدعوة بدعوة" نوح" عليه السلام ،فلأنه أول رسول حدثنا
عَنْ دعوته القرآن ، أما ( آدم) عليه السلام فلم يرسل لأحد(1) ، وإنما أنزل إلى هذه
الأرض لتبدأ قصة حياة الإنسان فيها واستخلافه في الأرض- كما أشارت إلى ذلك الآيات
القرآنية – ولم نقف على أثَرٍ عَمليَّ لنبّوة آدم عليه السلام ، إلا فيما حدثنا عنه
القرآن في قصة أولاده" هابيل وقابيل" حيث قَرّبا القربان وجرى بينهما الحوار الذي
ينبئ بإيمان أحدهما وصلاحه ، ويغفله الآخر وخسرانه. قال تعالى :

) {وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ
مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ
لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ
اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ... الآيات ((1) .

ج – عند الحديث عن تاريخ
الدعوة ، ولاسيما في المدخل ، لا يُراد عَرْضُ تاريخ الدعوة والدعاة تفصيلا لما جرى
من أحداث ، وبيانا لتراجم الدعاة وسيرتهم ، وإنما تقتصر العصور والأزمان ، تبيينا
لزمن الدعوات ، وأشهر رجالاتها ، وأبرز ملامحها ، وأهم نتائجها...

أما
تفصيل الأحداث التاريخية ، وبيان سيرة الدعاة السابقين ، فتتكفل ببيانها مختلف كتب
التاريخ الإسلامي ، وكتب السيرة النبوية ، وكتب التراجم والرجال ...

د –
الكتب التي تعرضت لتاريخ الدعوة تفصيلاً كثيرة جداً في القديم والحديث ، يمكن لأي
باحث في تاريخ الدعوة الرجوع إليها كمصدر من مصادر البحث ، ولعل من أهم الكتب
الحديثة في ذلك :

مقدمة العلوم والمناهج لأنور الجندي ، وحاضر العالم
الإسلامي لشكيب أرسلان، وحاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة للدكتور جميل
عبدالله محمد المصري ، والإسلام الفاتح للدكتور حسين مؤنس ، وتاريخ الدعوة للدكتور
جمعة الخولي ، وتاريخ الأنبياء للدكتور محمد الطيب النجار ، والدعوة الإسلامية في
عهدها المدني للدكتور رءوف شلبي ، والدعوة الإسلامية بين التنظيم الحكومي والتشريع
الديني للدكتور عبدالغفار عزيز ، ودعوة الرسل لمحمد العدوي ، والمنهج الحركي للسيرة
النبوية لمحمد منير الغضبان...

هـ - ونظرا لأوجه التشابه والترابط في
الحركة الدعوية وملامحها ونتائجها على مدى العصور والأزمان ، رأيت تقسيم تاريخ
الدعوة في هذا المدخل إلى أربعة عهود ، هي :



1- الدعوة قبل
الإسلام.

2- الدعوة زمن رسول الله r ، وزمن خلفائه الراشدين.

3-
الدعوة زمن الأمويين والعباسيين والعثمانيين .

4- الدعوة في العصر الحديث.




المبحث الأول



1- الدعوة قبل الإسلام :

(
وتبدأ من رسالة نوح عليه السلام ، وتنتهي برسالة عيسى عليه السلام)
ويبدأ
تاريخها بدعوة نوح عليه السلام ، أول رسول حدثنا القرآن عن دعوته ورسالته ، فقال
سبحانه:

) لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال : يا قوم اعبدوا الله مالكم من
إله غيرُه ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم.. الآيات ( (1) .

كما تحدثت عن
دعوته سورة كاملة من سور القرآن الكريم عرفت بسورة نوح، عرضت لنا جانباً من أسلوبه
عليه السلام في الدعوة ، وتدرجه فيها ، وإسراره وإعلانه في دعوته ، وصبره على قومه
زمناً طويلاً ، حيث كان أكثر المعمرين من الرسل والأنبياء الذين عرفناهم فعاش ألف
سنة إلا خمسين عاماً.

قال تعالى:

) ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه ،
فَلَبِثَ فيهم ألفَ سنة إلا خَمسينَ عاماً ، فأخذَهُم الطوفانُ وهم ظالمون ( (2)


فلما يئس منهم دعا ربه فقال:

) قال رب إن قومي كَذّبون ، فافْتَحْ
بيني وبَيْنهم فتحاً ، ونَجِّني ومَنْ مَعِيَ من المؤمنين( (3)

فأمره الله
بصنع السفينة ، ونجاه ومن معه ، وكانت عاقبة قومه الإغراق. قال تعالى:

)
وأوحِيَ إلى نوح أنَّه لن يؤمنَ من قومك إلا مَنْ قد آمن ، فلا تَبتئِسْ بما كانوا
يفعلون ، واصنع الفُلْكَ بأعْيُنِنا ووَحْينا ، ولا تُخاطِبنْي في الذين ظَلَموا
إنهم مُغْرقون.. الآيات( (1)

ثم يأتي"هود" عليه السلام ، فيقوم بدعوة قومه
كما فعل نوح عليه السلام ، قال تعالى:

) وإلى عاد أخاهم هوداً ، قال يا قوم
اعبدوا الله مالكم من إله غيره ، أفلا تتقون..( (2)

وقد أشار القرآن الكريم
إلى جانب من أسلوب دعوته ، وذكر بعضاَ من أقواله لقومه ، فقال سبحانه:

)
قال الملأ الذين كفروا من قومه: إنا لنراك في سفاهة ، وإنا لنظنك من الكاذبين، قال
يا قوم ليس بي سفاهة ، ولكني رسول من رب العالمين... الآيات( (3)

فما كان
من قوله إلا الإعراض والتكذيب ، قال تعالى:

) قالوا يا هودُ ما جِئْتَنا
ببيِّنةٍ ، وما نَحْنُ بتاركي آلهتِنا عن قولك ، وما نحن لك بمؤمنين ، إِنْ نقول
إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ، قال: إني أُشهِدُ الله واشهدوا أني برئ مما تشركون من
دُونِه ، فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون.. الآيات( (4)

ولما اشتدت به الحال
دعا ربه فقالSmile قال رب انصرني بما كَذَّبون( (5) فاستجاب الله له وقال: ) قال عما
قليل لَيُصْبِحُنَّ نادمين( (6) ونفذ وعيد الله بهم ، قال تعالى: ) وأما عادٌ ،
فأُهلِكوا بريح صََرْصَرٍٍ عاتية ، سَخَّرها عليهم سبعَ ليال وثمانيةَ أيام حُسوماً
، فَتَرى القوم فيها صَرْعى كأنهم أعجاز نَخْل خاوية ، فهل تَرى لهم من باقية( (1)
.

ثم جاء " صالح " عليه السلام بدعوته إلى قومه ، قال تعالى: ) وإلى ثَمودَ
أخاهم صالحاً قال: يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيرُه ، هو أنشأكم من الأرض
واستَعْمرَكُم فيها ، فاستغفروه ثم توبوا إليه ، إن ربي قريبٌ مجيب ((2)


فأعرضوا عن دعوته ، وجادلوه فيها بالباطل ، قال تعالى: ) قالوا يا صالحُ قد
كنتَ فِيْنا مَرْجواً قبل هذا ، أَتَنْهانا أن نعبد ما يَعُبدُ آباؤنا ، وإننا لفي
شكٍ مما تدعونا إليه مريب ، الآيات.. ( (3)

حتى طالبوه بالمعجزة وهي إخراج
الناقة من الصخر ، فأيده الله بها ، ولكن ما زادهم ذلك إلا إعراضاً وتكذيباً ،
وعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم. قال تعالى :

) ويا قوم هذه ناقة الله لكم
آية فذروها تأكل في أرض الله ، ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب ، فعقروها ،
فقال: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ، ذلك وعد غير مكذوب((4)

ولم يكتفوا بذلك
بل قالوا) ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين((5) فجاءهم عذاب الله فأصبحوا في
ديارهم جاثمين ، قال تعالى:

) فلمّا جاء أمُرنا نَجَّينا صالحاً والذين
آمنوا معه برحمة منا ، ومن خِزْي يَوْمِئذ، إن ربَّكَ هو القوي العزيز ، وأخذَ
الذين ظلموا الصيحةُ فأصبحوا في ديارهم جاثمين، كأن لم يَغْنَوا فيها ، ألا إن
ثمودَ كفروا ربهم ، ألا بُعدا لثمود( (6)



ثم جاء " إبراهيم " عليه
السلام قومه بمثل ما جاء به الرسل السابقون ، قال تعالى ) واتل عليهم نبأ إبراهيم
إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون.. الآيات( (1)

وعرض القرآن كثيراً من حواره مع
أبيه وقومه ، وبين جانباً من أسلوب دعوته، وكيده لأصنام قومه ، كما عرض تكذيب قومه
له وإيذاءهم له ، وتهديدهم له بالتحريق ،وفعلوا ،ولكن الله نجاه منهم قال تعالى:


) ولقد آتينا إبراهيم رُشْدَهُ من قَبْلُ وكُنّا به عالمِين * إذْ قال
لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ... ((2)

) فآمَنَ له
لوطٌ ، وقال إنّي مُهاجِرٌ إلى ربي ، إنه هو العزيز الحكيم( (3).

ومَرّ
إبراهيم عليه السلام بابتلاءات عظيمة فما كان منه إلا الثبات والصدق ، وأمره الله
ببناء الكعبة ، ولم تذكر الآيات القرآنية وفاة إبراهيم عليه السلام ، ولا عاقبة
قومه ، وإنما ركزت على سيرته القدوة ، وابتلاءاته وصبره ، وإكرام الله له بنجاته
واستجابة دعائه(4)

ثم جاء" لوط" عليه السلام قومه ، فدعاهم إلى عبادة الله
، ونهاهم عن المعاصي والفواحش التي انتشرت بينهم ، فما كان منهم إلا التكذيب ،
وهموا بإخراجه من قريته ، متحدين أن يأتيهم بعذاب ، فأنجاه الله منهم ، وأمطر على
قومه حجارة فقضت عليهم ، قال تعالى:

) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ
أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ *
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ
قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ
أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ * وَأَمْطَرْنَا
عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ( (5)

ثم
جاءت دعوة " يوسف " عليه السلام ، التي لم يحدثنا القرآن الكريم عن تفصيلاتها ،
وإنما اكتفى بالإشارة إليه بمثل قوله تعالى] وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ
بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا
هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ
اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ( (1)

وإنما ركز القرآن الكريم على
سيرة يوسف عليه السلام الخاصة ، وبيان ما لاقاه من حسد إخوته وكيدهم له ، وما جَرّ
عليه ذلك من ابتلاءات في شبابه ، فكان مثال التقوى والصبر ، وذلك لتكون حياته درساً
وعبرة ، كما نرى في سورة "يوسف" عليه السلام التي سميت باسمه ، والتي ختمها الله عز
وجل بقوله:

) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ
مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( (2)


ثم جاءت دعوة "شعيب عليه السلام" ، فدعا قومه إلى عبادة الله وترك المنكرات
والإفساد في الأرض ، قال تعالى:

) َإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً
قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَالكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم
بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ
النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ
صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ
وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ
وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ * وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ
مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ
فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ( (3)


فوقف منه قومه موقف الاستهزاء والسخرية ، فرد عليهم بهدوء وحلم وذكرهم
بمصير من سبقهم ، قال تعالى:

) قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ
تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي
أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ * قَالَ يَا قَوْمِ
أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً
حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ
أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ * وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ
شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ
قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ * وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ
ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ( (1)

فما زادهم إلا
إصراراً على باطلهم ، وهددوه بالإخراج ، فدعا عليهم ، قال تعالى:

) قَالَ
الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا..
الآيات(

فأخذهم عذاب يوم الظلة ، قال تعالى:

) كَذَّبَ أَصْحَابُ
الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ *
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ... الآيات ( إلى أن قال:

) قَالُوا
إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن
نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ* فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ
إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ *
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ
عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ.... (
(2)

ونَجّى الله شعيباً والذين أمنوا معه ، فقال :

) وَلَمَّا جَاء
أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا
وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ
جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدا لمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ
ثَمُودُ ( (3)

ثم أرسل الله موسى" عليه السلام ، وأنزل عليه التوراة ، بعد
أن نشأ في بيت فرعون ، فأرسله الله إلى بني إسرائيل ، وشد عضده بأخيه" هارون " عليه
السلام ، قال تعالى:

) َلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ
آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ
نَارا لعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ
تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي
الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ
رَبُّ الْعَالَمِينَ ...الآيات إلى قولــهSmile أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا
الْغَالِبُونَ((1)

كما أمرهما الله عز وجل بالذهاب إلى ( فرعون) ودعوته
فقال:

) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لهُ قَوْلا
ليِّنا لعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى الآيات.. ( (2)

وقد ذكر القرآن
الكريم جانباً من حوار موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون، فقال سبحانه:

)
قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى*قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ
خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا
عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى* كُلُوا وَارْعَوْا
أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى .. إلى أن قال
:

قَالَ أَجِئْتَنَا لتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى*
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدا لا
نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَاناً سُوًى* قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ
الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى .. الآيات ((3)

ولما جاءوا إلى
الموعد ، نصره الله ، وأمن معه السحرة ، قال تعالى

) فَأُلْقِيَ
السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى* قَالَ آمَنتُمْ
لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ
السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ
وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ
عَذَاباً وَأَبْقَى( (4)

ولما اشتد طغيان قوم موسى أخذهم الله بعذاب أليم
فأرسل عليهم أنواعاً عديدة من العذاب ، قال تعالى:
}وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ
فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ*
فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ
وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ* وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن
آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ
مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ... (1)
ولما
ضاق بآل فرعونَ الأمر ، لجأوا إليه يطلبون كشف الضر وقالوا: } يا موسـى ادْعُ
ربَّكَ بما عَهِدَ عِنْدك لئن كَشَفْتَ عنَّا الرِجُزَ لنُؤمنَنَّ لك*
ولَنُرْسِلَنَّ معكَ بني إسرائيل * فلما كَشَفْنا عنهم الرِّجَز إلى أجَلٍ هم
بالغوه إذا هم يَنْكُثون {(2) .
ثم أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن يخرج بمن
آمن معه من مِصرَ ، فخرجوا وتبعهم فرعون بجنوده ، قال تعالى:} ولقد أوْحينا إلى
موسى أنْ أَسْر بِعبَادي ، فَاضْرِب لهم طريقاً في البَحْر يَبَساً ، لا تَخافُ
دَركاً ولا تَخْشى ، فَأتْبَعهم فرعونُ بجنوده فَغَشِيَهُم من اليَمِّ ما غَشِيَهم
، وأضَلَّ فرعونُ قَوَمه وما هَدى {(3)
ومَرّ موسى عليه السلام بابتلاءات كثيرة
، ولاقى من قومه ما لاقى ، فعبدوا العجل ، وآذوه بالكلام فيه ، وبطلبهم رؤية الله
جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بذلك ، ثم أحياهم الله ، قال تعالى:
} وإِذْ واعَدنْا
موسى أربعينَ ليلةً ، ثُمَّ اتَّخّذْتم العِجْلَ مِنْ بعده وأنتم ظالمون ، ثم
عَفَونْا عنكم من بعد ذلك لعلكم تَشْكرون.. الآيات إلى قوله : وإذ قُلْتُمِ يا موسى
لَنْ نُؤمِنَ لكَ حتى نَرى الله جهرةً فَأخَذَتْكُم الصاعقةُ وأنْتم تَنْظُرون*ثم
بَعَثْناكم من بعد موتكم لعلَّكم تَشكرون..الآيات{ (4).
وهكذا حتى قضى هارون
وموسى عليهما السلام ، بعد أن حملا الرسالة وادَّيا الأمانة ، قال تعالى:
}
ولقد مَنَنَّا على موسى وهارون ، ونَجَّيناهما وقومَهما من الكَرْب العظيم ،
ونَصَرنْاهم فكانوا هم الغالبين ، وآتيناهما الكتابَ الُمسْتَبين ، وهَدَيْناهما
الصراطَ المستقيم ، وتَرَكْنا عليهما في الآخرين ، سَلامٌ على موسى وهارون ، إنّا
كذلك نَجْزِي المُحسِنين ، إِنَّهما من عبادنا المؤمنين { (1)
ثم توالت
الأنبياء على بني إسرائيل إلى أن جاء داود عليه السلام. فقام" داود"عليه السلام
بدعوته ،وآتاه الله" الزبور" قال تعالى:} وآتيّنْا داودَ زَبوراً{ (2) ولقد أكرم
الله داود عليه السلام بأمور عديدة منها:حسن الصوت ، حتى أصبح يُضرب بحسن صوته
المثل . وألان له الحديد ، وجعل الجبال والطير تردد معه تسبيحه..
قال تعالى:

} وأذكر عَبْدنا داودَ ، ذا الأيْدِ إنَّه أواّب * إنا سَخَّرنا الجبالَ معه
يُسَبِّحْنَ بالعَشِيِّ والإِشراق* والطيرَ محشورةً كُلٌ له أواّب* وشَدَدْنا مُلكه
وآتيناه الحكمة َ وفَصْل الخطاب {(3)
ولم يذكر القرآن تفصيلا لدعوته وموقف قومه
منه.
ثم جاء ولده" سليمان" عليه السلام ، وقام بدعوته ، إلا أنه لم يذكر القرآن
الكريم أيضا لنا شيئاً عن دعوته ، وعن موقف قومه منه ، وإنما ذكر بعض الخصائص
والمعجزات التي أيده الله بها ، قال تعالى:
} وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ
غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ
الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ
عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ
مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ
اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ...الآيات{
(1) . وتوالت الأنبياء فجاء" أيوب ويونس" عليهما السلام.
ثم جاء عيسى عليه
السلام" وكانت ولادته آية من آيات الله ، قال تعالى:
] إِنَّ مَثَلَ عِيسَى
عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ[
(2) وآتاه الله الإنجيل ، فدعا بني إسرائيل إلى التوحيد ، قال تعالى:
}
وقَفًّيْنا على آثارهم بعيسى بن مريم مُصّدِّقا لما بين يديه من التوراة ، وهدىً
وموعظةً للمتقين{ (3)
وقد عرض القرآن الكريم جانباً من دعوة عيسى عليه السلام ،
وذكر بعض حواراته مع قومه ، فقال تعالى:
} ولما جاء عيسى بالبَيِّنات قال : قد
جئتكم بالحِكْمة ، ولأبَيِّنَ لكم بَعْضَ الذي تَختلفون فيه ، فاتقوا الله وأطيعون*
إن الله هو ربّي وربكم فاعبدوه ، هذا صراط مُستقيم* فاخْتَلَفَ الأحزابُ من
بَيْنِهم * فَويْلٌ للذين ظلموا من عذابِ يومٍ أليم { (4)
وقد آتى الله رسوله
عيسى عليه السلام معجزات كثيرة باهرة ، عددها القرآن الكريم ، قال تعالى:
}
ورسولاً إلى بني إسرائيل أنّي قد جِئتُكم بآيةٍ من ربكم* أنَّي أخْلُقُ لكم من
الطّين كهيئة الطير ، فأنفخُ فيه فيكون طيراً بإذن الله ، وأُبْرِئُ الأكمةَ
والأبرص وأحْيى الموتى بإذن الله* وأُنَبّئكم بما تأكلون وما تَدَّخِرونَ في بيوتكم
، إِنَّ في ذلك لآيةً لكم إن كنتم مؤمنين .. الآيات { (5)
واستمر عيسى عليه
السلام في دعوته حتى كادوا له ومكروا به ، فأنجاه الله ورفعه إليه ، قال تعالى :

} ومكَروا ومَكَر اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين* إِذْ قال الله يا عيسى إني
مُتَوفّيك ورافِعكُ إليّ ومُطَهِّرُكَ من الذين كفروا ، وجاعلُ الذين اتَّبعوك فوقَ
الذين كفروا إلى يوم القيامة ، ثم إلىَّ مَرْجِعُكم فأحْكمُ بينكم فيما كنتم فيه
تَخْتلفون {(1)
وقد بين القرآن والسنة أنه سينزل ثانية في آخر الزمان ليحكم
بشريعة الإسلام ، ويؤمن به كل من كان موجوداً حينئذ من أهل الكتاب قال
تعالى:
}وإِنْ مِنْ أهْل الكتاب إلا ليؤمِنَنَّ به قَبْلَ مَوْته ، ويومَ
القيامة يكونُ عليهم شهيداً{(2)
وقد تواترت الأحاديث النبوية الواردة بنزوله في
آخر الزمان. فجاء في الحديث المتفق عليه:
" والذي نفسي بيده ، ليوشكَن أن ينزل
فيكم ابن مريم حَكَماَ عَدْلاً فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويَضَع الحرب ( وفي
رواية الجزية ) ، ويَفيضَ المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً
من الدنيا وما فيها ، ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا إن شئتم: وإن من أهل الكتاب إلا
ليؤمِنَنَّ به قبل موته ، ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً{(3)
وكانت رسالة عيسى
عليه السلام آخر رسالة ، وكان موكبه آخر موكب من مواكب الدعوة إلى الله قبل بعثة
رسولنا r وعلى جميع رسله وأنبيائه أجمعين .
وبهذا ينتهي العرض السريع المجمل
لسير الدعوة إلى الله قبل الإسلام ، على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام ، الذين
حدثنا القرآن عنهم وعن دعوتهم ، و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مناهج الدعوة واساليبها الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مناهج الدعوة واساليبها الجزء الاول:المدخل الى علم الدعوة
»  مصير الحي يتلاقى - الجزء الثاني
»  مصير الحي يتلاقى الجزء الأول (مع التعديل من قبل الكاتب)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
STARSEVEN :: الادب :: اِسلاميات-
انتقل الى: